شرح كتاب الحسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية
بحث في: الاحتساب في المعاملات المحرمة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> رحمه الله تعالى: ويدخل في المنكرات ما نهى الله عنه ورسوله من العقود المحرمة، مثل عقود الربا والميسر، ومثل بيع الغرر وكحبل الحبلة، والملامسة والمنابذة وربا النسيئة وربا الفضل، وكذلك النجش، وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها وتصرية الدابة اللبون وسائر أنواع التدليس.
وكذلك المعاملات الربوية سواء كانت ثنائية أو ثلاثية إذا كان المقصود بها جميعها أخذ دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل.
فالثنائية ما يكون بين اثنين: مثل أن يجمع إلى القرض بيعا أو إجارة أو مساقاة أو مزارعة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رسم> لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك متن_ح>
رسم> قال الترمذي اسم> حديث صحيح. حديث>
ومثل أن يبيعه سلعة إلى أجل ثم يعيدها إليه، ففي سنن أبي داود اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا متن_ح>
رسم> .
والثلاثية: مثل أن يدخلا بينهما محللا للربا يشتري السلعة من آكل الربا ثم يبيعها المعطي للربا إلى أجل ثم يعيدها إلى صاحبها بنقص دراهم يستفيدها المحلل.
وهذه المعاملات منها ما هو حرام بإجماع المسلمين مثل التي يجري فيها شرط لذلك، أو التي يباع فيها المبيع قبل القبض الشرعي أو بغير الشروط الشرعية، أو يقلب فيها الدين على المعسر، فإن المعسر يجب إنظاره ولا يجوز الزيادة عليه بمعاملة ولا غيرها بإجماع المسلمين، ومنها ما قد تنازع فيه بعض العلماء، لكن الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين تحريم ذلك كله.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد اسم> يقول شيخ الإسلام: إن هذه الأشياء من المنكرات ولو أصبحت مألوفة عند بعض الناس وفي بعض الأزمنة؛ وسبب نكارتها أنه ضارة بالمجتمع ما نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها إلا لما فيها من الضرر ولو حصل فيها نفعا أحيانا لبعض الأفراد ولو تراضى عليها الطرفان؛ وذلك لأن الذي عليه ضرر لو رضي لكان رضاه لأجل ضرورة حلت به؛ فلأجل ذلك لا بد أن تكون المعاملة حسب ما جاءت به الشريعة سليمة من كل غش أو مخادعة أو غرر أو نحو ذلك.
هذه المعاملات التي ذكر مشهورة؛ مشهور النهي عنها، فاشتهر أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر؛ وهو الشيء الذي لا يعرف؛ يعني سواء الغرر في الثمن أو الغرر في المثمن.
فالغرر في المثمن هو أن يبيع سلعة لمن لم يرها ولم ينظر فيها ولم يدرِ ما هي، فإنها قد تكون رديئة فيكون مغبونا وقد تكون جيدة فيغبن البائع، وفي ذلك أيضا ضرر.
وكذلك أيضا مثل بيع الملامسة والمنابذة وحبل الحبلة؛ وهي أمور ورد النهي الصريح عنها عن التعامل بها، ومثلوا لها بأمثلة معروفة.
كذلك أيضا مثل النجش الذي ورد النهي عنه؛ فسره كما سمعنا بالذي يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها إما لنفع البائع بزيادة الثمن، وإما لضرر المشتري بتحميله أكثر مما تستحق؛ فيكون بذلك ظالما لأحدهما وموقعا الثاني في الظلم، والأدلة على ذلك مشهورة.
وكذلك أيضا ما ورد النهي عنه من هذه الأشياء التي في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وكذلك أيضا ذكر أن من المحرمات المعاملات الربوية؛ والمعاملات الربوية كثيرة وأمثلتها مشهورة، ولكنه ذكر منها ما يكون ثنائيا وما يكون ثلاثيا.
فالثنائية من الربويات: التي تكون بين اثنين فقط، وصورة ذلك أن يعطيه دراهم بشرط أن يردها أكثر منها، ويقول: أعطيك ألفا على أن ترد بعد شهر أو بعد شهرين ألفا ومائة وهذا ربا نسيئة، وكذلك أيضا لو أعطاك مثلا صاعين وقال: بشرط أن ترد ثلاثة آصع بعد يومين أو بعد شهرين يسمى هذا أيضا ربا نسيئة.
وكذلك ربا الفضل؛ إذا باع ربويا رديئا بأقل منه ربويا طيبا كتمر بتمر أكثر منه، ويعتبر هذا أيضا ربا فضل.
وهكذا أيضا ذكر مسألة قلب الدين، وقال: إن المعسر إذا كان عليه دين وجب إنظاره لقول الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ولعل أيضا بذلك فسر الحديث الذي ذكره وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
سئل ابن عباس اسم> عن رجل باع حريرة بمائة غائبة ثم اشتراها بثمانين حاضرة، فقال: رسم> دراهم بدراهم دخلت بينهم الحريرة رسم> أي أنه جعل هذه الحريرة عينة في أن أعطاه ثمانين وكتبها في ذمته بمائة فهي دراهم بدراهم أكثر منها.
وكذلك لو جعلوا بينهم ثالثا؛ لو كانوا ثلاثة وهو بيع الثلاثي الذي أشاروا إليه وهذا أيضا يحدث كثيرا، والواجب أن المعسر لا يشدد عليه.
صورة ذلك: إذا كان لك دين على زيد فحل وهو معسر، ذهبت معه إلى عمرو وقلت له: اشتر من عمرو، وبع وأوفني بدين، فباعه عمرو مثلا سلعة مثلا بألف دينا وباع تلك السلعة بثمانمائة نقدا وأوفاه، فهاهنا مثلا المستدين والحامل له وصاحب الدين، الواجب الإنظار والتأخير وعدم التشديد.
فالحاصل أن مثل هذه الأشياء تعتبر من المنكرات، والواجب إذا انتشرت أن يظهر الناس نكارتها وأن ينهوا عنها، وأن لا يتعاطوا شيئا من البيوع المحرمة التي نهى الله تعالى عنها وبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبب النهي؛ وهو ما فيها من الضرر وصرح بنفي الضرر بقوله: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>